البوست
الثالث عشر،،
في حملة التدوين اليومي،، 2012
في حملة التدوين اليومي،، 2012
(قالـب
سكــر!)
صباح باهت ككل صباح
يمر عليه، هنا بهذا المنزل اعتادت طلته كل الأركان، حتى أن تلك الجدران المطلية بالملل
قد سئمت عطره.. حاول أن يغير شيئاً ما، أي شيء... أي شيء!؛ فوضع قالباً من السكر على
قهوته السادة؛ لعلها تصيب واقعه بالعدوى؛ فينكسر مر أيامه!..، ورغم أن هذا اليوم هو
عطلته الأسبوعية؛ إلا أنه قرر الخروج مبكراً بلا هدف أو غاية أو حتى مقصد!
بعدما أنهى هندامه.. نظر بمرآته بعد أن أشعل سيجارته؛ فهؤلاء هن صديقاته
اللاتي يملئن فراغ أيامه..، وأمعن النظر بصورته المنعكسة؛ لقد تغيرت هيئته كثيراً عن
ذي قبل؛ تناثر على ما تبقى من شعره كماً لا يمكن تجاهله من اللون الأبيض، وأكتسب وجهه
بعضاً من التجاعيد؛ فعند طرفي عيونه حُفرت أحزانه، وعلى جانبي فمه سُجلت ضحكاته!، نفث
دخان سيجارته بالمرآة، وابتسم ابتسامة بلهاء قائلا لنفسه: "وما الذي يقلقك يا
هذا مما جد عليك؟!، فهل بقيَّ من العمر قدر ما فات؟!"، ثم خرج من منزله عابساً
كعادته منذ سنوات طويلة!
كانت الشوارع خالية،
تغمرها نسمات الصباح الباردة؛ التي تجبر النفس على التفاؤل.. ولكنه أبى أن ينصاع لها؛
فلماذ يتفائل؟!، ما الذي سينتظره بعد ثماني وأربعين عاماً من الوحدة والتوحد بنفس يائسة؟!،
أكمل سيره حتى قادته أقدامه لحديقة صغيرة؛ عادة ما يقصدها سكان الحي في الصباح لممارسة
رياضة الجري.. دخلها بلا سبب مقنع بالنسبة له، ظل سائر بخطوات مثقلة بأحزانه الدفينة،
حاول أن يتذكر أي شيء يبعث بنفسه السعادة، ولكنه أكتشف أن ذاكرته أصبحت رمادية اللون
بلا معالم كأيامه!، هَمَّ ليخرج من تلك الحديقة لولا أن لمحها وهي تجري بالجهة المقابلة،
فتصنم بمكانه!، لم يتمكن من تمييز ملامحها، ولكن رشاقة خطواتها وجسدها، وأمواج شعرها
الغجري المتطاير حولها؛ جعلوه لا يرفع نظره عنها!.. عندما بدأت بالاقتراب منه أمعن
النظر بها، لم تكن ملامحها شديدة الجمال.. ولكن بها سحر غامض؛ فعيونها العسلية وشعرها
البني الأقرب للون الشوكولاتة الفاتحة، جعلاها قطعة حلوى تتوق النفس لتذوقها!، بشرتها
السمراء التي أكتسبت الحمرة بسبب جريها حولت خديها لكأسي من أفخر أنوع النبيذ، فجعلا
سحرها أكثر مجوناً وسطوة على كيانه!..
عندما تقابل وجهها
بوجه ابتسمت له، وألقت عليه التحية باسمه.. تفاجأ.. ود لو بادلها التحية ولكنه تلعثم؛
كطفل تعلم الهجاء لتوه!، فاتسعت ابتسامتها لضحكة عالية.... اشعلته، فأذابت أكوام الجليد
بداخله، هزت أنقاض الإنسان به، وأضاءت مصباحاً بعتمة قلبه، أزالت ذاك اللون الرمادي
القميء من حوله، فعادت السماء زرقاء، والورود حمراء وبيضاء، حلقت الطيور من جديد مغردة،
حتى الشمس التي غابت منذ سنوات طويلة أشرقت.. وملئت ضياءها الكون دفئاً وصفاء!، ظل
كالمراهقين يختلس النظر لها كلما اقتربت منه!، وعندما خرجت من الحديقة تتبعها بتوتر
شديد؛ كطالب بالثانوية يخشى أن يراه معلمه وهو يراقب زميلته فيعنفه أمامها، أكتشف أنها
جارته بنفس البناية، فإزدات سعادته وأنفرجت أساريره!
أصبحت عادته اليومية
الذهاب لتلك الحديقة مبكراً، بعد أن يرتشف فنجاناً من القهوة المُحلى بقالب من السكر،
يشاهدها وهي تجري.. ثم يتجاذبان طرفي حديث قصير ولكنه يطول مع الصباحات المتتالية،
أسابيع كثيرة مرت، يراها كل يوم، يحدثها، يحلم بها، تُحلي أيامه كل يوم، ويخاف من أن
يفقدها كل لحظة!.. حاول مراراً أن يفاتحها بمشاعره تجاهها، ولكنه يتلعثم كتلعثمه الأول..
فيصمت ويبتلع كلماته قبل أن يبوح بها!... كثيراً ما كان يحدث نفسه ليلاً؛ متسائلاً..
ما المشكلة أن يتزوج وهو على أعتاب الخمسين؟!، أليس من حقه أن يعيش ما تبقى من عمره
في سعادة وراحة؟!، ثم إنه لم يختر فتاة صغيرة بل وقع بحب سيدة في الخامسة والثلاثين
من عمرها!، ثم يعود ليسأل نفسه بخوف.. ماذا لو رفضت هي هذا الحب؟!، مؤكد سيفقدها للأبد..
يرتعد من فكرة فقدانها!، فيؤجل.. ويؤجل.. ويؤجل..، حتى لا يذيب بسرعة أروع قالب سكر
قتل مرارة أيامه!
مرت صباحات كثيرة
أخرى، ولكنه لم يعد يطيق مرارة الليل وحده، حتى وإن كان الصباح مُحلى بها، قرر أن يفاتحها
بحبه لها بالصباح التالي، لم ينم ونزل مبكراً جداً، ظل ينتظرها طويلاً، ولكنها لم تأتِ،
بدأ قلبه بالانقباض، وبدأت الألوان بتلاشي من حوله، ولكن سرعان ما عاد كل شيء كما كان؛
بمجرد أن دخلت الحديقة، تلفتت حولها باحثة عنه.. حتى وقع نظرها عليه فابتسمت له!، لم
تكن بملابسها الرياضية ككل يوم، تحدثت معه على عجلة من أمرها، معللة انصرافها بسرعة
لكثرة انشغالها هذه الأيام، ثم أخرجت من حقيبتها دعوة زفافها، وابتسم ابتسامة بلهاء
عندما قالت له إنه أول المدعوين!، ثم خرجت من الحديقة.. ومن وراءها الألوان والطيور
والورود.. والشمس والحيــاة!، عاد لمنزله بخطوات مثقلة، يبحث بنهم عن صديقات وحدته
ليرتشف في حضرتهن فنجاناً من القهوة السادة، ويحاول عبثاُ أن يشاهد العالم الرمادي
من حوله، من تحت أنقاض الإنسان بداخله..!!.
يمكن علشان هى كانت حاجة حلوة اوى
ردحذفوهو مش يستاهل
حسيت انها جت على الوجع اوى :(
حلوة القصة ومضمونها جميل
ردحذفكتير فعلا الخوف والتردد بيضيع منهم حاجات جميلة
أحسنتِ
مساء الغاردينيا فتافيت
ردحذفوجدها قطعة سكر أذابها في فنجان أيامه
ولكن السكر تلاشى بعد رشفات فعاد الفنجان فارغاً وعادت الحياة مرة "
؛؛
؛
قصة رائعة رغم غصة الوجع "
؛؛
؛
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
Reemaas
حلوة اوييي وصدمة كبيرة اوي
حذفتسلم ايدك :)