لست خبيرة اقتصادية أو حتى خريجة تجارة، ولكني أمقت من يستخف بعقلي، ويحاول أن (يحشر) بتلافيفه ما يحلو له، فلقد ولى عصر (الحشر والتلقين) أو كهذا أظن!، لذا تعالوا معي نأخذ عجلة الإنتاج المصرية (لفة)، فقد نقتنع أنها بحاجة للنفخ حقاً، أو نكتشف أن مصر أصلا بلا عجلة، فلقد سُرقت وصُهرت وتم بيعها كسيخ حديد!.
الدخل القومي المصري قائم -بحسب معلوماتي- على؛ السياحة -داخلية وخارجية-، قناة السويس، التعدين، المصريين العاملين بالخارج، الصناعة والزراعة!، إذن فإن عجلة الإنتاج لن تخرج عن هذه (التراكات) أبداً، إلا إذا كان هناك ما لا نعلمه وهم يعلموه!، دعونا نلقي نظرة على كل قطاع منهم:
- خلصنا من السياحة نأتي لعجلة الصناعة المصرية، وهي أصلا (خربانة ومصدية) منذ أعواماً طويلة، ولم يعد ينفع معها لا نفخ، ولا لحام!!، وعن أي صناعة أصلاً يتحدثون؟!، لم استعمل بحياتي منتج صناعة مصرية!، اللهم إلا الشبسيكو وكلبظ وما إلى ذلك، وبعضاً من الكشاكيل والكراسات رديئة الورق!، والكبريت الذي (يفرقع بالوش) عند اشعاله وهو مدون عليه أمــان!، ولنعرف حقيقة هذا القطاع لدي حادثتين أولهما؛ منذ عامين ونصف كنت راكبة تاكسي وكان السائق حزينا للغاية، وعندما استفسرت منه عن السبب قال؛ أن ابنته طـُلقت، فقد كانت عاملة بمصنع بالعاشر من رمضان وراتبها 600 جنيه وتزوجت زميلاً لها يحصل على نفس الراتب، وأخذا شقة إيجارها 400 جنيه، ولكن المصنع سرح أغلب العمال وقلص الراتب للباقي لـ 400 جنيه فقط، وبعدما كان الدخل 1200 للأسرة أصبح بالكاد يكفي إيجار الشقة فتم الطلاق!!، هل الثورة هي من خربت هذا البيت؟!، والحادثة الثانية منذ أقل من عامين، وهي عن مصانع بورسعيد عندما قام مصنع بتسريح العمالة المصرية وجلب عمالة من الهند، وإهدار المال وفساد لا مجال لسرده، وعندما قام عامل مصري شريف (تامر مبروك) بفضح ما يحدث، لـُفق له عدة قضايا، وخـُرب بيته هو وأهله جميعاً، هل الثورة هي من آتت بعمالة هندية بدلاً من المصرية؟!، ثم أن حال عمال المحلة الكبرى منذ زمن يشهد على الفساد والخراب بقطاع الصناعة، فالتحرير ومظاهراته ليس لهم أي دخل بما يحدث، ولا تحملوهم مصائب المخلوع ونظامه، فعجلة الصناعة (مصدية)، وأتقوا الله بالثورة والثوار!
- دعنا من الصناعة فالحديث عنها يطول، ولنأخذ عجلة الزراعة (لفـة)، درست في الصف الثالث الأبتدائي أن مصر هبة النيل، وأن الوادي ذو تربة خصبة!، لأصدم عندما أكبر أن مصر تستورد القمح (واستراد القمح مصيبة بحد ذاته لا مجال لسردها الآن)، وكذلك الأرز، والشيء بالشيء يذكر فالأسوء أن المياه بمصر ثلاثة ألوان وتستورد سمـك (سبحان الله)!، فلنركز بالزراعة، وبغض النظر عن القطن المصري طويل التيلة والذي بُترت تيلته!.. هناك قرية العمار، هذه القرية كانت رائدة بتصدير المشمش عالي الجودة، وكانوا أهلها يعيشون الرخاء المادي بسبب تلك الزراعة، فمن أراد الزواج ينتظر الحصاد، ومن رغب بالحج ينتظر جمع المحصول، بل أن كل أعباء الحياة متوقفة على المشمش، حتى جاء (مسرطن) الشعب الأول وزير الزراع السابق وأصدر قانوناً برش هذه القرية بمبيدات معينة قصـراً، ومن يرفض يسجن وترش أرضه بالطائرات، ويقولون أن السبب هو زراعة (ولاد عمنا المشمش عندنا)، ومن يومها وقد مات الشجر وأصبح الزواج والحج والعلاج والتعليم بهذه القرية (في المشمش)!، هل الثورة هي من اضاعت من مصر هذا المورد؟!، هل هي من أفنت قرية فداء (لولاد عمنا)؟!، ويكفي أن كيلو الأرز اليوم تعدى الخمس جنيهات بعدما كان بجنيهين فقط، بسبب قرار أرعن من الحكومة بمنع زارعة الأرز بأرض النيل؟!، أعتقد أن الثورة لم تؤثر سلباً على هذا القطاع؛ اللهم إن كانوا يجدوا أن محصول القمح الذي غطى ولأول مرة 80% من احتياجات الشعب لهذا العام، شيئاً سالبياً تـُهاجم الثورة لأجله!
- التعدين لم يتأثر على حسب علمي، ثم إننا نصدر كباقي الدول النامية ما نستخرجه خام ونعود لنتستورده مرة ثانية، فيما عاد ما نجود به لأولاد عمنا، وقناة السويس لم ولن تتأثر لأنها تخضع لاتفاقيات دولية، حتى أن تلك الشائعة السخيفة بقطعها من الثوار لم تكن سوى خيال ضيق الأفق من مصدرها، فهي قناة السويس وليست ترعة السويس، يمكن أن نعمل بها (سد طين) ونغلقها، وما يمر بها بارجات وسفن ضخمة وليست (فلوكات) يمكن تكسير (مجادفها) ونوقفها!!، ومثل القناة والتعدين قطاع العاملين بالخارج لم يتأثر، إلا لو مثلا تم إنشاء مول التحرير للعاملين بالخليج للاعتصام به وتعطيل عجلة إنتاجهم، أو فتح التحرير (ديبارتمينت) للعاملين بأروبا (ياخدوا رادون) بعجلة إنتاجهم فيه!
- والاستثمار الأجنبي لم يتدخل التحرير به أيضاً، فهو متوقف على حال مصر، وهو الآن ضبابي والمسؤول عن ذلك من يحكم مصر الآن، فأي دولة ترغب بالاستثمار تقول جملة واحدة عندما تستقر الأوضاع، ولم تقل قط عندما تفض الاعتصامات أو تنتهي المظاهرات، والكثير ذهب ليتصور بالميدان مع الثوار!، والمستثمر لا يهمه أن تكون مصر رائدة بالاقتصاد فكلما زادت المخاطرة بالاستثمار كلما زادت نسبة المستثمر من الأرباح!، ولكن يجب تحديد وجهة مصر وسن قانوناً للمستثمر بدلاً من سحب الاستثمارات لأنها فاسدة أو مجحفة لحق مصر كما حدث، وهذا ليس بيد الثوار، فمؤكد عندما تستقر الأوضاع بمصر سنهدأ جميعاً، لأن كل ما نرغب به هو تعديل الأوضاع لتستقر مصر!،،، إذن نقطة ومن أول السطر!
أي عجلة نتحدث عنها؟!، وأي إنتاج نتحدث عنه؟!، أعلم جيداً أن هناك الكثير أغلق باب رزقه بهذه الأيام، ولكن لا أظن أن من يتشدق بالعجلة يقصد البائع الجائل أو سائق التاكسي، أو حتى بائع التذكارات للسائحين!، نحن أصلاً شعب مستهلك يستورد أكثر بكثير مما يـُصدر!!، وعن الدَين الداخلي والخارجي (اللي وجعوا بطننا بيه) والافلاس القادم قريباً، قال أحد الخبراء وليس المتخابرين؛ أن بعام 2004/2005 وصل الدَين الداخلي فقط 120% من الناتج القومي، ولم يتحدث أحد عن الافلاس أو الخراب الذي أحل بالبلاد، ولم نسمع أو نقرأ عن عجلة الإنتاج التي تعطلت، حيث كانت البطولة المطلقة بفيلم ازدهار الاقتصاد المصري (الكوميدي) لعجلة التنمية وقتها!، ولمن يرغب باستثمار (عجل مصر) الكثير عليك وعلى تجربة اللمبي وأمه فرنسا؛ بتأجير العجل بشرم الشيخ!.